تحولات الإعلام في سوريا الجديدة: من الثورة إلى الدولة وبناء الكيانات السياسية

غلاف بصري تعبيري يرمز إلى تحولات الإعلام والكيانات السياسية في سوريا الجديدة بعد سقوط النظام
من فضلك قم بمشاركة الرابط

تحولات الإعلام في سوريا الجديدة: من الثورة إلى الدولة وبناء الكيانات السياسية


باسل منصور – ناشط
 سياسي وصحفي سوري



بين الأمس واليوم: من سيطرة السلطة إلى فضاء التحوّل

ماذا يعني أن تنهار منظومة حكم استبدادية، ويُترك الإعلام لأول مرة في مواجهة حريته؟
وماذا يحدث حين تجد الكيانات السياسية نفسها مطالبة بتقديم مشروع وطني بعد سنوات من التشتت والشتات؟
في سوريا، لم تكن الإجابات جاهزة، لكن الأسئلة كانت ملحة.
وبعد 8 كانون الأول، حيث دخلت البلاد مرحلة جديدة بسقوط النظام السياسي القائم، تحوّلت هذه الأسئلة إلى حاجة عملية وواقعية.

ففي السنوات الأخيرة، شهدت سوريا واحدة من أعنف التحولات السياسية في المنطقة العربية.
ومع سقوط النظام في الثامن من ديسمبر، انفتح الباب أمام مرحلة سياسية جديدة، لم تخلُ من التحديات ولا من الآمال.

كان من الطبيعي أن تطال هذه التحولات المجال الإعلامي، باعتباره من أبرز أدوات تشكيل الرأي العام وصناعة العقد الاجتماعي.
من هنا، بدأت رحلتي كباحث وصحفي في محاولة فهم طبيعة هذا التحول، من خلال دراسة أكاديمية استمرت لأشهر،

وجاءت تحت عنوان:

من الثورة إلى الدولة: تحوّلات الإعلام وبناء الكيانات السياسية في سوريا الجديدة.


أهمية دراسة تحولات الإعلام في سوريا

كنت أبحث عن إجابة لسؤال ظلّ يطاردني منذ سنوات، خاصة من خلال عملي في الصحافة ومتابعة المشهد السوري:
هل يمكن أن نبني إعلامًا وطنيًا ومؤسسات سياسية فعلية بعد أن ينهار النظام؟
هل يمكن أن نُخرج الإعلام من عباءة الدعاية، ونُعيد تنظيم السياسة خارج ثنائية المعارضة والنظام؟
هذا ما دفعني إلى إنجاز هذه الدراسة، التي اعتمدت على الرصد الميداني، المقابلات النوعية، واستطلاعات الرأي.

وفي لحظة بدا فيها أن العالم نسي سوريا أو تعمّد تجاهلها، جاءت لحظة 8 كانون الأول لتعيدها إلى واجهة النقاش السياسي الدولي.
لم تعد سوريا هامشًا، بل تحوّلت إلى بؤرة جيوسياسية حساسة.
في هذا السياق، تأتي هذه الدراسة كمساهمة علمية في توثيق وإعادة فهم ما يحدث من تحولات.

كما تسلط الضوء على أهمية الإعلام المستقل، ليس فقط كمصدر للمعلومة، بل كفاعل سياسي واجتماعي في بناء الدولة.
وتُقدم تصورًا علميًا حول طبيعة الكيانات السياسية ما بعد السقوط، ومدى قابليتها للتحول إلى مؤسسات فاعلة.


الإعلام السوري: من آلة النظام إلى أداة رقابة مجتمعية

في العقود التي سبقت سقوط النظام، شكّل الإعلام أداة سلطوية بيد الدولة، خاضعًا للرقابة الشديدة، ويفتقر لأي استقلال مهني.
ومع دخول سوريا مرحلة جديدة، برزت الحاجة الملحة إلى إعادة تعريف الإعلام كمؤسسة مستقلة، لا كذراع للحكومة.
سلطت الدراسة الضوء على التجارب التنظيمية الجديدة مثل رابطة الصحفيين واتحاد الصحفيين، مع مقاربات دقيقة بينهما، لتقييم أيّها يمتلك شرعية أكثر، أو قدرة على تمثيل الجسم الإعلامي.
كما تناول البحث واقع حرية التعبير، والتحديات القانونية والعملية في حماية الصحفيين، وتطوّر آليات مساءلة الانتهاكات.


تحوّلات الإعلام في سوريا: تساؤلات الدراسة بعد سقوط النظام

من ثورة الثامن عشر من آذار الى سقوط النظام في 8 كانون الأول، بدأت ملامح مرحلة جديدة تتشكّل في سوريا، فتحت معها أبوابًا واسعة من الأسئلة والتأملات حول مستقبل الإعلام، والسياسة، وبناء الدولة من جديد.
لم يعد السؤال فقط عن غياب السلطة، بل عن إمكانية استبدالها بمنظومة مؤسساتية فعلية تعبّر عن طموحات الناس وتكسر إرث الانقسام والتبعية.

في هذا السياق، جاءت هذه الدراسة التي أعددتها بعنوان:

“من الثورة إلى الدولة: تحوّلات الإعلام والكيانات السياسية في سوريا الجديدة”

كمحاولة بحثية ميدانية للإجابة عن تساؤلات لا تزال مفتوحة، أبرزها:

  • هل تحرّر الإعلام السوري من القيود البنيوية والتشريعية التي فرضها النظام السابق؟

  • ما الدور الذي تلعبه الدولة الجديدة في تنظيم الإعلام، وحماية الصحفيين، وضمان حرية التعبير؟

  • هل استطاعت الكيانات السياسية التي نشأت سابقًا أن تتطور إلى أحزاب وطنية منظمة؟

  • إلى أي مدى يمكن بناء عقد اجتماعي جديد يؤسس لدولة قانون فعلية؟

  • ما فرص بناء بيئة سياسية قائمة على التعددية، والمساءلة، والشفافية؟

  • وأخيرًا، ما الدروس التي يمكن لسوريا أن تتعلّمها من تجارب دولية سابقة عاشت تحولات مشابهة؟

تساؤلات لا تقف عند حدود التنظير، بل ترتبط يوميًا بواقع السوريين وتحدياتهم وهم يبنون مستقبلًا مختلفًا عمّا عرفوه لعقود.
ومن هنا تبدأ أهمية البحث، الذي يمكن تحميله كاملًا في نهاية هذا المقال.


السياسة بعد السقوط: كيانات مشتتة تبحث عن شرعية

سياسيًا، لم تكن المعارضة السورية قبل السقوط في أفضل حالاتها.
لقد طغى الانقسام، وبرزت ازدواجية الانتماء، وكثرت الكيانات غير المنظمة.
بعد السقوط، ورغم الفرصة التاريخية، ظلّت هذه المعضلة قائمة. في الدراسة، حاولت تتبع التحولات من الكيانات العشوائية إلى محاولات تشكيل أحزاب وطنية حديثة، مع التركيز على العقبات القانونية والاجتماعية التي تعيق بناء الحياة السياسية الجديدة.

ركزت الدراسة على العلاقة بين الداخل والخارج، وأزمة التمثيل السياسي، واستمرارية الولاءات القديمة التي تهدد التأسيس السليم.


الدستور الجديد: من الفراغ إلى عقد اجتماعي جامع

أحد أبرز محاور البحث كان متابعة التحول الدستوري في سوريا الجديدة. بعد سقوط النظام، واجهت البلاد فراغًا تشريعيًا، ما دفع نحو اعتماد إعلان دستوري مؤقت، ثم انطلقت جهود موسّعة لصياغة دستور دائم.
هنا، لعب المجتمع دورًا بارزًا، من خلال مؤتمرات الحوار المجتمعي، ومبادرات المجتمع المدني.
وثّقت الدراسة كيف أثّرت مشاركة النساء، والشباب، والمناطق المهمشة، في صياغة العقد الجديد.

كما ناقشت التحدي الإداري والشرعي الذي يواجه مؤسسات الدولة الناشئة، من حيث البنية القانونية والرقابية.


من تجارب الآخرين: دروس من العراق واليمن والبوسنة

في باب خاص، أجريت مقارنة تحليلية بين التجربة السورية وتجارب دول أخرى، مثل العراق، ليبيا، اليمن، البوسنة، تونس ومصر. الهدف كان استخلاص العبر، وفهم ما يجب تجنبه في سوريا.

مثلاً، أظهرت تجربة العراق أن بناء مؤسسات بلا توافق وطني حقيقي يؤدي إلى انهيار سريع، بينما كشفت اليمن هشاشة أي اتفاق سياسي بلا حاضنة مجتمعية. أما تونس، فقدّمت دروسًا في إدارة التعدد، ولكنها كشفت أيضًا هشاشة الانجازات في ظل ضعف القاعدة الحزبية.


الطريق إلى الدولة: الفرص والتحديات

ختام الدراسة كان مخصصًا لتقديم تصور متكامل لأهم الفرص التي تتيحها اللحظة السياسية الجديدة في سوريا، مثل حيوية المجتمع المدني، وطاقات الإعلاميين الشباب، والانفتاح السياسي النسبي. وفي المقابل، تم رصد التحديات الكبيرة التي تقف أمام ترسيخ الدولة، من غياب التوافق الوطني الكامل، إلى ضعف البيئة القانونية، وبطء بناء مؤسسات فعالة ومستقلة.

قدّمت الدراسة أيضًا توصيات عملية قابلة للتنفيذ على المستوى السياسي والإعلامي والدستوري.


هل هذه مجرد دراسة أكاديمية؟

بالنسبة لي كباحث وصحفي، لم تكن هذه الدراسة مجرد مشروع تخرّج أو واجب أكاديمي، بل محاولة لفهم سوريا الجديدة من الداخل،
من خلال العمل الميداني، والمقابلات، واستطلاعات الرأي، وتحليل الوثائق.
كان الهدف أن نرسم خريطة معرفية تساعد صناع القرار، والنشطاء، والباحثين، على رؤية المشهد بعمق وموضوعية.

للمهتمين بالاطلاع على تفاصيل الدراسة الكاملة، يمكن تحميلها بصيغة PDF عبر الرابط التالي:

من الثورة إلى الدولة- تحوّلات الإعلام والكيانات السياسية في سوريا الجديدة

للتواصل ومتابعتنا على وسائل التواصل الاجتماعي:

  Facebook      | Twitter      | Instagram     |Threads 


من فضلك قم بمشاركة الرابط
Scroll to Top